المقاطع القصيرة وتأثيرها على الأداء الأكاديمي

WhatsApp Image 2025 09 28 at 12.59.58 PM

 

إعداد الطالبة: رؤى "محمد فهمي" حمد /كلية الصيدلة

إشراف الدكتورة: مريم العامري/ كلية الصيدلة

 

   شهدنا في السنوات الأخيرة انتشارًا واسعًا على مستوى العالم لمواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الأفراد فهي لا تقتصر على التواصل فقط، بل اصبحت مصدرًا مهمًّا للمعلومات العلميّة والترفيهية، ومع هذا الانتشار ظهرت الفيديوهات القصيرة التي تتراوح بين 15 الى 60 ثانية على وسائل التواصل الاجتماعيّ مثل فيسبوك وانستغرام وتيك توك وغيرها.

 وقد ساهم تنوع محتوياتها وسهولة تَصفُحِها والوصول إليها إلى انتشارها الكبير خاصة بين الشباب، وعلى الرغم من أنها قد تُستخدم لأغراض ترفيهية أو تعليمية مُفيدة ولكن لها أضرار كبيرة بسبب طبيعتها السريعة التي قد تؤثر سلبًا على الصحة الجسدية والنفسية وتعمل على تشتيت الإنتباه والتركيز وقد تقود الى مشكلة التسويف الأكاديمي (وهو ميل الطلاب إلى تأجيل المهام الأكاديمية المطلوبة منهم) إذ تفيد الكثير من الدراسات بأن نسبة حدوث هذه المشكلة بين طلاب الجامعات قد تصل إلى 70% وهذا يؤثر سلبًا على التحصيل الدراسيّ والأكاديميّ.

المقاطع القصيرة قد تسبب الإدمان أو ما يعرف بالكوكايين الرقمي:

أظهرت العديد من الدراسات أن هناك علاقةً بين إدمان مشاهدة الفيديوهات القصيرة والتراجع الأكاديميّ, حيثُ إنَّ مشاهدة مجموعةٍ من المقاطع القصيرة تعمل على إفراز هرمون السعادة من الدماغ المعروف باسم هرمون "الدوبامين"  فيشعر الشخص بسعادة لحظية مما يدفعُه لمشاهدة مقاطع أكثر لزيادة افراز هذا الهرمون حتى تُخلق حلقةٌ من الإدمان على هذه المقاطع وهذا الإدمان يشبه في بعض مظاهره الإدمان على المواد الكيميائية مثل: العصبية، وعدم القدرة على ضبط النفس، ومشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق والتوتر، وغيرها وهذه العوامل جميعها تقود إلى تراجع بالأداء الأكاديميّ.

علاوة على ذلك فإن إدمان المقاطع القصيرة يساهم في سوء إدارة الوقت إذ يَفقد الفرد احساسه بالوقت أثناء الإنخراط في هذه المقاطع وبالتالي اهمال المهام الأكاديمية المهمة وتصبح المقاطع القصيرة لها الأولوية الكبرى مما يؤدي إلى تراجع الإنجاز الأكاديميّ.

نظرية الدافع الزمنيِّ وعلاقتها بالتسويف الأكاديمي:

 وفقًا "لنظرية الدافع الزمنيِّ، يميل المستخدمين إلى تفضيل المهام التي تُقدم مكافآت أسرع، ويؤجلون المهام ذات المكافآت الأبعد، وهذا ما يُفسر لجؤ الطلبة إلى مشاهدة المقاطع القصيرة بدل من انجاز الواجبات والمهام الأكاديمية مما يؤدي إلى تراكم المهام والتسويف المستمر وينتج عنه أداءٌ غير فعال أو غير مكتمل.

تأثير الفيديوهات القصيرة على التركيز والانتباه:

أظهرت الأبحاث أن الاستهلاك المفرط للمحتوى السريع يؤثر سلبًا على قدرة الدماغ على التركيز لفتراتٍ طويلةٍ، ويُضعف التركيز على المهام الأخرى ومنها المهام الأكاديمية. إذ يعتاد الدماغ على التنقل المستمر بين الفيديوهات التي تتضمن مواضيع مختلفة، مما يجعله في حالة تأهب دائم للانتقال من موضوع إلى آخر وبالتالي يُقلل من قدرة الدماغ على التركيز العميق في موضوع أو مهمةٍ واحدةٍ ولفترةٍ طويلةٍ.

تأثير المقاطع القصيرة على الذاكرة:

إنّ الإفراط في مشاهدة المقاطع القصيرة يؤثر سلبًا على الذاكرة والقدرة على التركيز لفترات طويلة. فبسبب طبيعتها السريعة والمحفَّزة بصريًا، تُغرق الدماغ بكمية كبيرة من المعلومات خلال وقتٍ قصيرٍ، مما يُضعف قدرته على معالجة تلك المعلومات بعمق، ويُقلل من كفاءته في الاحتفاظ بها واسترجاعها لاحقًا.

ومع تكرار التفاعل مع هذا النوع من المحتوى السطحي، يعتاد الدماغ على التحفيز اللحظي، ويفقد تدريجيًا مرونته في الانتباه والتفكير العميق.

 وهو مصطلح غير طبي يُعبّر عن التدهور التدريجي في قدرة الدماغ على التركيز وتراجع مهارات الاستيعاب Brain Rot وهذا ما يُطلق عليه (التعفن العقلي

والذاكرة على المدى الطويل.

تأثير الفيديوهات القصيرة على جودة النوم:

أثبتت الدراسات أنَّ مشاهدة المقاطع القصيرة مرتبط بزيادة الإثارة المعرفية وزيادة النشاط العقليّ ويمنع الدماغ من الدخول في حالة الاسترخاء المطلوبة وهي أحد الأسباب التي تؤدي لانخفاض جودة النوم، مما يؤدي إلى ضعف الوظائف الإدراكية، ويُضعف قدرة الطلاب على الأداء الأكاديميّ الجيد. إضافة إلى ذلك فإنَّ الأشعة الكهرومغناطيسية المنبعثة من الهاتف المحمول تؤثر على جودة النوم.

علاوة على ذلك أكدت الأبحاث على وجود علاقة بين النشاط البدني وجودة النوم، إذ أنَّ إدمان مشاهدة المقاطع القصيرة يعمل على تقليل اللياقة البدنية وهذا يؤثر سلبًا على جودة النوم وعمقه. في المقابل فإن زيادة النشاطات البدنية تعمل على زيادة إفراز الإندورفين من الغدة النخامية مما يعزز الشعور بالرفاهية ويساعد في تقليل السلوك الإدماني ويحسن من جودة النوم وهذا ينعكس إيجابًا على الأداء الأكاديميّ.

 

الوقاية من أضرار ومخاطر المقاطع السريعة على الأداء الأكاديمي:

* تقليل الوقت المخصص في مشاهدة هذه المقاطع.

استبدال هذه العادة بأنشطة بدنية أو ذهنية مُحفِزة. *

*تحديد أولويات المهام والتركيز على المهام الأكاديمية الأكثر أهمية.

*الابتعاد عن استخدام الهاتف قبل موعد النوم بساعة على الأقل.

*طلب المساعدة من المعالجين المدربين والمختصين في علاج الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعيّ عند الحاجة.

الخلاصة:

على الرغم من أن المقاطع القصيرة قد تكون ممتعةً وفيها من الفائدة الكثير، إلا أن لها مخاطر عديدة تؤثر سلبًا على الأداء الأكاديميّ والتحصيل العلميّ، خاصةً بين الأطفال والشباب، من أبرز هذه المخاطر: تشتت الانتباه، وضعف التركيز، والقلق، واضطرابات النوم، وقد تمتدُ إلى مشكلاتٍ نفسيةٍ وصحيةٍ أخرى.

 لذلك يجب ايجاد توازن صحيّ بين استخدام مواقع التواصل الاجتماعيّ، وممارسة النشاطات الأخرى التي بدورها تُعزز التركيز، وتنمّي العقل وتُثري الذاكرة مثل: القراءة، والرياضة البدنية، والذهنيّة.

YU

إعــداد الكفــاءات العلميــة فــي مختلــف حقــول العلــم والمعرفــة، وإنتــاج بحـث علمـي إبداعـي يخـدم المجتمـع من خلال تقديم تعليم متميّز في بيئة جامعية مُحفزة.

اتصل بنا

  •  اربد- الاردن, ص.ب 566 الرمز البريدي 21163
  •  yarmouk@yu.edu.jo
  •  7211111 2 962 +
جميع الحقوق محفوظة © 2025 جامعة اليرموك.
+96227211111Irbid - Jordan, P.O Box 566 ZipCode 21163