ألزهايمر.. أكثرُ من نسيان

962158

 

إعداد الطالب حذيفة مسلماني- عضو نادي البحث العلمي/كلية الصيدلة

بإشراف د. إسلام بردويل/ د. غيناء أبو ذياب

 

 يعدُ مرض ألزهايمر من أكثر الأمراض العصبية تعقيدًا وشيوعًا في العالم، إذ أن الكثيرين يصفونه بأنه مرض النسيان أو فقدان الذاكرة، إلا أن واقع المرض أبعد من ذلك، فهو يؤثر على كافة وظائف الدماغ تدريجيًا، وعليه يمكن وصف المرض بأنه مرض تدريجي تظهر أعراضه بمرور السنين.

  في هذا المقال سنسلط الضوء على آلية حدوث هذا المرض وتطوره داخل الدماغ، وانتشاره وبعض جوانبه المخفية لدى الأغلب، بالاضافة إلى طرق علاجه الحديثة.

 

كيف يحدث المرض؟

أولًا: يبدأ الدماغ بإنتاج قطع صغيرة من بروتين يسمى بيتا أميلويد التي تتجمع حول الخلايا العصبية على شكل ألواح صغيرة (plaques) مما يؤدي إلى منع التواصل الطبيعي بين العصبونات.

ثانيًا: داخل الخلايا العصبية يوجد بروتين آخر يسمى تاو يقوم بعمل تثبيت لمسارات تنقل الغذاء والاشارات داخل الخلايا، لكن في الزهايمر يتغير شكلها بحيث تصبح متشابكة (tangles) وبالتالي تمنع وصول الغذاء والإشارات للخلية مما يؤدي لموتها.

ثالثًا: الخلايا المناعية في الدماغ تحاول تنظيف بروتين الأميلويد، لكن في غالب الأحيان تفشل في ذلك وتبقى نشطة، ونتيجةً لذلك يحدث إلتهاب مزمن في الدماغ يفاقم المشكلة.

رابعًا: النظام المسؤول عن تنظيف الفضلات داخل الدماغ يسمى (glymphatic system) يَضعُف ويصبح أقل كفاءةً، مما يزيد من تراكم الأميلويد والتاو.

والجدير بالذكر أن أول المناطق تأثرًا بهذا الموت العصبي هي منطقة الحُصين المسؤولة عن الذاكرة، وبعدها ينتشر بشكل تدريجي إلى باقي المناطق كالتفكير، واللغة، وإتخاذ القرار...إلخ.

 

ما هي الفئة الأكثر عرضه للإصابة بمرض ألزهايمر وما نسبة انتشاره؟

يمكن القول أن كبار السن هم الأكثر عرضة وخاصة ممن هم فوق الخامسة والستين من العمر، أيضًا النساء أكثر عرضة من الرجال بسبب طول العمرإضافةً إلى عوامل هرمونية، كما أن أصحاب الأمراض المزمنة كالسكري والضغط تزداد نسبة إصابتهم بألزهايمر، ولا بد لنا أن نشير إلى أن العوامل الوراثية والجينية تلعب دورًا كبيرًا في كثير من الأمراض لا سيما الزهايمر.

بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن عدد المصابين بالخرف حوالي 55 مليون شخص حول العالم حتى عام 2023 وغالبيتهم مرضى ألزهايمر ما يقارب نسبته 60% - 70% من حالات الخرف، أيضًا ووفقًا لتقرير المجلس الوطني لشؤون الأسرة الأردني فإن نسبة المصابين بألزهايمر من كبار السن حوالي 14.4%.

 دعونا نتطرق لبعض الجوانب التي يجهلها الأغلب عن داء ألزهايمر

قد يظن البعض أن أعراض ألزهايمر تظهر بشكل مفاجئ مع تقدم العمر لكن الواقع يقول أن المرض يبدأ قبل ظهور الأعراض بـ 10 – 20 سنة.

هناك دراسات أظهرت أن البكتيريا التي تعيش داخل أمعاء الإنسان لها دور في الإلتهاب والمناعة في الدماغ مما يزيد من خطر أعراض ألزهايمر إذا تغيرت تركيبة البكتيريا.

ألزهايمر ليس له علاج فعلي

رغم أن الزهايمر يُعدُّ من أصعب الأمراض العصبية، فإن العلاجات المتوفرة اليوم تساعد فقط في التخفيف من الأعراض، ولا تعالج السبب الجذري وأشهر هذه الأدوية هي:

مثبطات الكولينستراز مثل (DonepezilوRivastigmine)، التي تزيد من المادة الكيميائية في الدماغ وترتبط بالذاكرة، وتفيد خاصة في المراحل المبكرة، لكن تأثيرها يعتبر محدودًا.

ويستخدم دواء Memantine عادةً في المراحل المتوسطة أو الشديدة، ويساعد على تقليل الارتباك وتحسين القدرة على القيام بالأنشطة اليومية.

في السنوات الأخيرة ظهر جيل جديد من الأدوية يُسمى الأجسام المضادة للأميلويد مثل (Lecanemab وDonanemab). تعمل هذه الأدوية على إزالة ترسبات بروتين الأميلويد من الدماغ، وقد أظهرت بعض الدراسات أنّها تبطئ المرض بشكل ملحوظ عند المرضى في المراحل الأولى، لكنّها ليست علاجًا نهائيًا، ولها مخاطر مثل حدوث تورّم أو نزيف دماغي، لذلك يلزم مراقبة دقيقة للمريض.

بالمقابل، هناك أدوية أخرى مثل Aducanumab التي أثارت جدلًا كبيرًا بسبب ضعف الأدلة على فعاليتها، وأدوية أخرى مثل مثبطات BACE التي فشلت في التجارب السريرية.

      هناك اتجاهات جديدة تستهدف بروتين تاو المسؤول عن تشابك الألياف العصبية، وأخرى تركز على الالتهاب في الدماغ، لكن هذه العلاجات ما زالت في مراحل التجربة.

ومن الجدير بالذكر أن العلاجات غير الدوائية تمثل جزءًا مهمًا من عملية السيطرة على مرض ألزهايمر، والتي تركز على رفع جودة الحياة والوظائف المعرفية لكن دون شفاء من المرض، من أبرزها التحفيز العقلي، مثل حل الألغاز والقراءة وألعاب الذاكرة، حيث تهدف هذه الأنشطة إلى تنشيط الدماغ وإبطاء التدهور المعرفي.

      تلعب البحوث العلمية دورًا هامًا في مواجهة مرض ألزهايمر، فهي تساعد الباحثين على فهم الأسباب البيولوجية للمرض، مما يفتح الطريق لتطوير أدوية تستهدف هذه الأسباب بدقة، وهذا يوضح أن البحث المستمر ليس مجرد دراسة نظرية بل أداة عملية لإنقاذ المستقبل الصحي لملايين البشر حول العالم.

 هل هناك طرق فعّالة للوقاية من المرض؟

على الرغم من عدم وجود علاج شافٍ لمرض ألزهايمر حتى الآن، إلا أن الوقاية تبقى الخيار الأكثر جدوى للحد من خطورته، فقد أظهرت الدراسات أن ممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على توازن غذائي يقلّل من مستويات الكوليسترول، إضافةً إلى النوم الكافي والجيد، تسهم جميعها في دعم صحة الدماغ وتقليل تراكم البروتينات الضارة. وبذلك، فإن تبنّي أنماط حياة صحية يشكل خط الدفاع الأول في مواجهة هذا المرض العصبي.

                                                                                                                                     

YU

إعــداد الكفــاءات العلميــة فــي مختلــف حقــول العلــم والمعرفــة، وإنتــاج بحـث علمـي إبداعـي يخـدم المجتمـع من خلال تقديم تعليم متميّز في بيئة جامعية مُحفزة.

اتصل بنا

  •  اربد- الاردن, ص.ب 566 الرمز البريدي 21163
  •  yarmouk@yu.edu.jo
  •  7211111 2 962 +
جميع الحقوق محفوظة © 2025 جامعة اليرموك.
+96227211111Irbid - Jordan, P.O Box 566 ZipCode 21163