
كتب الطلبة: ساره احمد ياسين، وجنى أيمن المنسي - كلية الصيدلة.
- مراجعة علمية: الأستاذ الدكتور عمر قموه - كلية الصيدلة.
تُعَدّ المضاعفات الجراحية من التحديات الطبية الشائعة التي تُثقل أنظمة الرعاية الصحية في مختلف أنحاء العالم، غير أنّ بعض هذه المضاعفات لا يلقى ما يستحقه من اهتمام رغم خطورته السريرية، ومن أبرزها هذيان ما بعد الجراحة.
يتناول هذا المقال تعريف الهذيان وأسبابه، مع تسليط الضوء على العلاقة بين نوع التخدير المستخدم وحدوث الهذيان، بالإضافة إلى الفروقات في نسب الإصابة باختلاف نوع العملية الجراحية، ومناقشة أحدث أساليب الوقاية.
ما هو الهذيان؟
الهذيان متلازمة عصبية إدراكية ناجمة عن اضطراب عصبي عكسي ناتج عن اضطراب جهازي كامن كما وأنه خلل إدراكي كامن معقد متعدد العوامل يتأثر بالعمر، والأدوية، وقصور الكلى، والحرمان من النوم، واضطرابات مثل نقص الأكسجين، والجفاف، أو فرط ثاني أكسيد الكربون.
يحدث الهذيان بعد الجراحة، كما يوحي الاسم، وتعتمد احتمالية حدوثه على شدة الجراحة وإلحاحها؛ حيث تبلغ نسبة حدوثه 2.5-3%. ويزداد إلى 10-20% لدى المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 60-70 عامًا.
يؤثر موقع الجراحة بشكل مباشر على حدوثه من 2.5-3% في جراحات الأطراف الاختيارية إلى 10-20% في الجراحات المتعلقة بالجذع. وترتفع النسبة إلى 20-45% في الجراحات الطارئة، وهي أعلى بمقدار 1.5 مرة مقارنة بالجراحات غير الطارئة.
لماذا يحدث هذيان ما بعد الجراحة؟
على الرغم من أن آلية حدوثه لا تزال غير واضحة، تشير نتائج جديدة إلى أن نوع المخدر المستخدم ومدى تأثر الشخص به يلعبان دورًا كبيرًا.
أذ يبدو أن الغازات المستنشقة مثل سيفوفلوران أو إيزوفلوران تزيد من احتمالية الإصابة بالهذيان بعد الجراحة لدى المرضى المسنين، مقارنةً باستخدام الأدوية الوريدية فقط مثل البروبوفول. تميل عمليات القلب أو الدماغ إلى زيادة حالات الإصابة، ويرجع ذلك على الأرجح إلى التهاب جهازي في الجسم، وانخفاض تدفق الدم (نقص التروية)، بالإضافة إلى التهاب الدماغ.
كيف نمنع حدوث هذيان ما بعد الجراحة؟
تُقدم الدراسات المحدودة نظريات، ولكن لا توجد حلول عملية قابلة للتطبيق لهذه المشكلة.
تشير مراجعة منهجية إلى أن التدريب المعرفي قبل الجراحة، هو برنامج يهدف إلى تنشيط القدرات الإدراكية للمرضى قبل إجراء العملية، عبر تمارين الذاكرة والانتباه وحل المشكلات، كما يُقلل من أعراض ما بعد الجراحة لدى المرضى الذين يخضعون لجراحات اختيارية. على الرغم من أن التدريب المعرفي طويل الأمد لكبار السن له آثار مثبتة، إلا أن الأدلة غير كافية لاستخلاص استنتاجات حول فوائده.
الخلاصة
يظل الهذيان بعد الجراحة من المضاعفات الخطيرة، ولذلك يُعدّ إجراء المزيد من البحوث أمرًا بالغ الأهمية للكشف عن استراتيجيات وقائية مُحددة وتوضيح العلاقة الآلية بين التخدير والتهاب الأعصاب والتدهور المعرفي. إن فهم الهذيان بعد الجراحة ليس مجرد جانب سريري، بل هو خطوة نحو حماية الدماغ نفسه وتخفيف العبء عن أنظمة الرعاية الصحية.

