سرطان الثدي: المعرفة قوة

WhatsApp Image 2025 10 19 at 4.19.28 PM copy

 

إعداد خريجة كلية الصيدلة وعضو نادي البحث العلمي بكلية الصيدلة براءة الرفاعي

إشراف الدكتورة إسلام بردويل والصيدلانية عفاف خصاونة

 

لماذا يُعدّ سرطان الثدي من أكثر القضايا الصحية إلحاحًا في عصرنا؟

سرطان الثدي يُعدّ من أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء على مستوى العالم، حيث يمثل ما يقارب ثلث حالات السرطان الجديدة سنويًا. وبالرغم التقدم في التشخيص والعلاج، ما يزال يشكّل سرطان الثدي تحديًا صحيًا كبيرًا، خصوصًا في الدول النامية. في الأردن، تشير الإحصاءات إلى أن سرطان الثدي هو السبب الأول للوفاة بين النساء المصابات بالسرطان، مما يبرز الحاجة إلى تعزيز الوعي، وتطوير أدوات التشخيص، وتوسيع نطاق العلاج.

في هذا المقال، نستعرض سرطان الثدي من منظور حديث، بدءًا من آلية نشوئه والعوامل المؤثرة في تطوره، مرورًا بأحدث العلاجات المعتمدة لعام 2025، وصولًا إلى التحديات السريرية والفروقات بين إصابة النساء والرجال، مع عرض للوضع الوبائي في الأردن وتوصيات لتعزيز الوقاية والعلاج.

 

كيف يبدأ سرطان الثدي داخل الجسم؟

سرطان الثدي لا يُعد مجرد ورم يظهر فجأة، بل هو عملية بيولوجية معقدة تبدأ على مستوى الخلية. تنشأ الإصابة عندما تبدأ خلايا الثدي بالنمو بشكل غير طبيعي وخارج عن السيطرة، فتتكوّن كتل قد تكون حميدة أو خبيثة. في الحالات الخبيثة، تفقد الخلايا قدرتها على التوقف عن الانقسام، وتبدأ بغزو الأنسجة المحيطة، وقد تنتقل إلى أعضاء أخرى عبر الجهاز اللمفاوي أو الدم.

 الخلل الجيني يلعب دورًا محوريًا في هذه العملية، حيث تؤدي طفرات في جينات مثل BRCA1 وBRCA2 إلى زيادة خطر الإصابة. كما أن التغيرات الهرمونية، خاصة تلك المرتبطة باستخدام طويل الأمد لحبوب منع الحمل أو أدوية العقم، قد تساهم في تحفيز النمو غير الطبيعي للخلايا. يضاف إلى ذلك نمط الحياة فقلة النشاط البدني، والسمنة، والتدخين، وسوء التغذية كلها عوامل تزيد من احتمالية الإصابة.

من هم الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي؟

في الأردن، تشير الإحصاءات إلى أن سرطان الثدي يشكّل ما يقارب ثلث حالات السرطان المسجلة، مع تسجيل 1756 حالة جديدة في عام 2022. كما أظهرت دراسة حديثة أن 14.4٪ من النساء فوق سن الستين مصابات بسرطان الثدي، مما يعكس أهمية التشخيص المبكر في هذه الفئة العمرية.

غالبًا ما يُصيب سرطان الثدي النساء فوق سن الخامسة والأربعين، لكن يمكن أن يظهر في أعمار أصغر، خاصة في الحالات الوراثية. تعد النساء أكثر عرضة لسرطان الثدي من الرجال، ليس فقط بسبب التركيب البيولوجي، بل أيضًا بسبب العوامل الهرمونية.

ورغم أن سرطان الثدي يُعدّ أكثر شيوعًا بين النساء، إلا أنه لا يقتصر عليهن فقط. فالرجال أيضًا يمكن أن يُصابوا به، وإن بنسبة أقل بكثير. ووفقًا لدراسة نُشرت في مجلة BMC Cancer عام 2025، فإن سرطان الثدي لدى الذكور يمثل نحو 1٪ من إجمالي الحالات عالميًا، وغالبًا ما يُشخّص في مراحل متأخرة بسبب ضعف الوعي المجتمعي. العوامل الوراثية، خاصة الطفرات في جين BRCA2، تلعب دورًا مهمًا في رفع خطر الإصابة لدى الذكور، إلى جانب التقدم في العمر واضطرابات الهرمونات. لذلك، توصي الدراسة بضرورة إدماج الرجال في حملات التوعية والعلاج، خاصة من لديهم تاريخ عائلي مع المرض.

 

هل تظهر أعراض سرطان الثدي فجأة؟

المرض لا يبدأ بأعراض واضحة، بل يتطور تدريجيًا على مدى سنوات. في البداية، قد لا يشعر المصاب بأي تغير، لكن مع الوقت تبدأ بعض العلامات بالظهور، مثل وجود كتلة غير مؤلمة في الثدي، أو تغيّر في شكل أو حجم الثدي، أو إفرازات غير طبيعية من الحلمة.

منطقة الحلمة والجلد المحيط بها قد تُظهر تغيرات في اللون أو الملمس، وقد يحدث انكماش أو انعكاف في اتجاه الحلمة. هذه الأعراض لا تعني بالضرورة وجود سرطان، لكنها تستدعي مراجعة الطبيب فورًا لتحديد السبب بدقة.

ما هي أهم الطرق العلاجية المتوفرة؟

شهدت السنوات الأخيرة تطورًا كبيرًا في خيارات علاج سرطان الثدي، خاصة في مجال العلاجات الموجهة والجينية. الجراحة لا تزال خيارًا أساسيًا، سواء باستئصال الورم فقط أو الثدي بالكامل، مع إمكانية إعادة البناء. العلاج الإشعاعي يُستخدم لتقليل خطر عودة الورم، خاصة بعد الجراحة.

تشمل الخيارات العلاجية الرئيسية:

  • العلاج الجراحي: استئصال الورم والغدد اللمفاوية الإبطية مع إمكانية إعادة بناء الثدي.
  • العلاج الإشعاعي: يُستخدم بعد الجراحة لتقليل خطر عودة الورم.
  • العلاج الهرموني والموجّه: مثل الأدوية المضادة لبروتين HER2 (تراستوزوماب، إيمتانسين وغيرها)، التي ساهمت في تحسين معدلات البقاء على قيد الحياة.
  • العلاج المناعي (Immunotherapy): يعد من أبرز الاتجاهات الحديثة، حيث يُحفّز الجهاز المناعي على التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها بفعالية أكبر، خاصة في الأنواع المقاومة للعلاج التقليدي.
  •  العلاج بالخلايا التائية (T-cell therapy): تقنية واعدة في عام 2025، تعتمد على هندسة خلايا مناعية قادرة على استهداف خلايا الورم بدقة عالية، ما يفتح آفاقًا جديدة للعلاج المخصص.
  • أما على مستوى العلاجات الدوائية، فقد شهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في دقة الاستهداف وفعالية الأدوية المستخدمة.

هل يمكن الوقاية من سرطان الثدي؟
مع التطور في العلاجات، يظل التشخيص المبكر والفحص الدوري حجر الزاوية في مواجهة سرطان الثدي. الوقاية لا تعني الحماية المطلقة، لكنها تقلّل من احتمالية الإصابة بشكل كبير. تبنّي نمط حياة صحي، يشمل ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول غذاء متوازن، والحفاظ على وزن مناسب، وتجنّب التدخين، كلها عوامل تساهم في تقليل خطر الإصابة.

كما أن التوعية المجتمعية، والدعم النفسي، والتثقيف الصحي، تُعدّ أدوات لا تقل أهمية عن العلاج الطبي في مواجهة هذا المرض.

يؤمن نادي البحث العلمي في كلية الصيدلة – جامعة اليرموك بأن نشر الوعي الصحي مسؤولية مشتركة، وأن المعرفة هي الدرع الأقوى في مواجهة الأمراض.
وفي هذا الشهر الوردي، نؤكد التزامنا بدعم حملات التوعية والكشف المبكر عن سرطان الثدي، وتشجيع الطالبات والمجتمع المحلي على تبنّي أسلوب حياة صحي قائم على الوقاية والفحص المنتظم.
فلنجعل من أكتوبر تذكيرًا دائمًا بأن الأمل يبدأ بخطوة... والفحص المبكر حياة.

YU

إعــداد الكفــاءات العلميــة فــي مختلــف حقــول العلــم والمعرفــة، وإنتــاج بحـث علمـي إبداعـي يخـدم المجتمـع من خلال تقديم تعليم متميّز في بيئة جامعية مُحفزة.

اتصل بنا

  •  اربد- الاردن, ص.ب 566 الرمز البريدي 21163
  •  yarmouk@yu.edu.jo
  •  7211111 2 962 +
جميع الحقوق محفوظة © 2025 جامعة اليرموك.
+96227211111Irbid - Jordan, P.O Box 566 ZipCode 21163