أمهات أطفال الربو: الشتاء قادم!

20251014798 1 34942 1

ما هو الربو؟
الربو هو مرض رئوي مُزمِن يُصيب الشُعب الهوائية، ويحدث بسبب التهاب مزمن في مجرى الهواء (الشُّعب الهوائيَّة)، وفرط في استجابة الشُعب الهوائية، وانسداد تدفق الهواء مما يجعل التنفس أكثر صعوبة. وعادةً ما يكون الانسداد في المجرى الهوائي قابلًا للعكس كليًا أو جزئيَّا (يتحسَّن مع العلاج).
قد يُصيب الربو مرضى من جميع الفئات العمريّة في مختلف أنحاء العالم، لكننا في هذا المقال سنقوم بالتركيز على مرضى الربو من الأطفال.


مما يُعاني مريض الربو؟
يُعاني مرضى الربو عادةً من مجموعة من الأعراض التنفسيّة مثل السُّعال والصَّفير وضيق في الصدر وصعوبة في التنفس، وتتَّسم أعراض الرَّبو بالتّفاوت، إذ أن هذه الأعراض متفاوتة من وقتٍ لآخر وقد تتفاوت أيضًا في الشدَّة (خفيفة أو شديدة) في نفس المريض أو من مريض لآخر، كما أنها تتَّسم بالنَّمطية فيشكو المرضى أنها تسوء صباحًا أو خلال ساعات اللّيل. كما أنها تَسوء مع عوامل أخرى (عوامل محفِّزة) مثل التمارين الرياضية، والتعرُّض لمُسببات الحساسية كالغبار والعّث، والطقس البارد، والروائح المختلفة وعدوى الجهاز التنفسي الفيروسيّة أو البكتيرية.
وبالتالي تتراوح شدّة الربو المزمن من أعراض خفيفة متقطعة إلى أعراض شديدة ومتكرّرة تُعيق إنجاز المهام اليومية، بالإضافة إلى فرصة حدوث نوبات حادّة قد تؤدي إلى دخول المستشفى وتشكّل خطرًا على الحياة. ويمكن للمريض أن يُميِّز اعراض النوبة الحادّة بأنها أكثر شِدَّة من الأعراض المزمنة التي تعوَّد عليها وأنه لا يتم السّيطرة عليها من خلال الأدوية والجرعات اليوميّة التي تسيطر على الأعراض المزمنة عادةً. وقد تترافق أعراض النوبة الحادّة بأعراض وعلامات أخرى مثل التّعرُّق والتّشوش الذهني وعدم القدرة على التواصل عن طريق الكلام وتسارع في نبضات القلب وغيرها.


ما هي نسبة انتشاره في العالم؟
قد يَحدُث الربو في جميع الفئات العمرية، وهو من أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا بين الأطفال، وقد أشارت منظمة الصحة العالمية في عام 2019 أن الربو أصاب ما يُقدّر بنحو 262 مليون شخص حول العالم، وتسبب بحوالي 455 ألف حالة وفاة.
أيضًا في ذلك العام، تعرّض 41.2% من مرضى الربو لنوبة ربو حادّة واحدة أو أكثر، مما يشير إلى أن ما يُقارب نصف مرضى الربو لا يخضعون للسيطرة المثالية وبالذات الأطفال. نظرًا لذلك، يعاني أطفال الربو من أعراض مُزمنة يوميّة ونوبات حادّة تؤثر على نموهم وتطورهم الجسمي والعقلي، وتفاعلهم مع محيطهم وأصدقائهم، وأدائهم الدراسي والاجتماعي.
كيف يمكننا السيطرة على الربو؟
تعتمد الأمهات اليوم بشكل أكبر على موسِّعات القصبات الهوائية قصيرة المفعول (بخاخ أو تبخيرة) لتخفيف الأعراض اليومية وأعراض النوبات الحادّة بعد حدوثها عند طفلها، لكن هذه العلاجات لا تمنع حدوثها ولا تقلِّل من فرصة تكرارها. وبالتالي فإن هذه الطريقة في التعامل مع الربو طريقة خاطئة، حيث تشير التعليمات العلاجيَّة العالمية لمرض الرّبو إلى ضرورة إدخال الكورتيزونات المُستنشقة (ICS) للسيطرة المُثلى على التهاب القصبات المُزمن المُسبِّب للربو وبالتالي التقليل من تكرار الأعراض اليومية، وأعراض النوبات الحادّة التي قد تُشَكِّل خطرًا على الحياة وتؤدي لدخول المستشفى.
وبهذا تكون مضادات الالتهابات هي اللبنة الأساسية للعلاج لمنع حدوث وتكرار الأعراض، وتستخدم البخاخات الموسعة للقصبات الهوائية (قصيرة المفعول) عند الحاجة فقط لتخفيف الأعراض بعد حدوثها.


كيف تعمل كل من الكورتيزونات وموسعات القصبات الهوائية؟
• الكورتيزونات (Budesonide, Mometasone, & Fluticasone) هي أقوى مضادات الالتهاب المُتاحة لعلاج الربو، فهي تُقلل التهاب مجرى الهواء، وتُخفف من فرط استجابته، وتقلل من إنتاج المخاط وإفرازه.
يمكن استخدامها عند الحاجة في المراحل الأولى والخفيفة من المرض مباشرة بعد موسع القصبات قصير المفعول، لكنها غالبًا ما تستخدم بشكل مزمن لضبط المرض على المدى الطويل.
• موسعات القصبات الهوائية هي أدوية تعمل على توسيع وفتح الممرات الهوائية التي تضيق، مما يساعد على تحسين التنفس، كما تساهم هذه الأدوية في منع تفاقم النوبة عبر إيقاف الاستجابة المبكرة للجسم تجاه مسببات الحساسية، وتساعد في التخلص من المخاط داخل الرئتين عن طريق تنشيط حركة الأهداب.
ويوجد منها موسعات قصيرة المفعول (Salbutamol) ذكرناها سابقًا وتستخدم عند الحاجة فقط وتعمل بشكل فوري لتحسين الأعراض بشكل سريع بعد حدوثها. كما تتوفر موسعات طويلة المفعول (Formoterol and Salmeterol ) والتي يمكن إضافتها بشكل مُزمن على الكورتيزونات لضبط أفضل للمرض وتقليل تكرار الأعراض اليومية والنوبات على المدى الطويل.
الجدير بالذكر أن بخاخ (Formoterol) يعمل بشكل سريع لذا يُمكن استخدامه أيضًا عند الحاجة
ليعمل بشكل فوري على تخفيف الأعراض بالإضافة الى استخدامه المزمن.

ما الهدف من استخدام هذا العلاج المركب مع طفلك اليوم؟
قد أظهرت الدراسات أن الإفراط في الاعتماد على موسعات القصبات الهوائية قصيرة المفعول واستخدامها وحدها في الخطة العلاجية يرتبط بشكل مباشر بزيادة خطر النوبات الحادّة، وارتفاع معدلات دخول المستشفى، وتكرار زيارات قسم الطوارئ، مما يؤثر على حياة الطفل اليومية ويُعيقُها، كما يساهم في زيادة العبء الاقتصادي على العائلة والدولة.
فمن المهم أن نعرف أن استخدام موسع القصبات الهوائية وحده قد يُخفف الأعراض مؤقتًا، لكنه لا يقلل من تكرارها ولا يمنع النوبات الحادة في المستقبل، بل قد يزيد من خطر حدوثها إذا تم الاعتماد عليه فقط، لذلك نُضيف الكورتيزون لضمان حماية أفضل لرئتي طفلك.
ويتخوف بعض الأهالي من استخدام الكورتيزونات لأطفالهم ظنًا منهم أنها تُؤثر على نمو الطفل وتطوره، وأنها قد تُسبب أمراض مزمنة مثل الضغط والسكري وهشاشة العظام، لذا نودّ التنويه هُنا على أن الكورتيزونات المستنشقة تعمل بشكل مباشر على القصبات الهوائية، ولا يتم امتصاصها بشكل كبير في الدم، وتُعتبر آمنة عند استخدامها بالجرعات القليلة والمتوسطة االموصوفة من قبل الطبيب، ونادرًا ما تُسبب أعراض جانبية، وتقتصر هذه الأعراض "إن حدثت" على فطريات في الفم، وتغيُّرات محدودة ومؤقتة في الصوت يمكن تجنبها عن طريق الاستخدام الصحيح للبخاخ.


ما الذي يترتب عليكِ اليوم للتعامل مع طفلك؟
• تعلُّم كيفية الاستخدام الصحيح للبخاخات العلاجية لضمان أخذ الجرعة كاملة، وفي حال كان الطِّفل يواجه صعوبة في استخدام البخاخ، فإنه يتوفر أنبوب بلاستيكي صغير يمكن وصله مع البخاخ بحيث يساعد طفلك على استنشاق الجرعة الدوائية بشكل كليّ.
• مع اقتراب فصل الشتاء، تزداد احتمالية التعرض لنوبات الربو نتيجة تغيرات الطقس وكثرة المسببات البيئية والعدوات التنفسية، لذا من الضروري تحديد هذه المسببات الخاصة بطفلك والعمل على تجنبها قدر الإمكان، بما في ذلك الملوثات داخل المنزل وخارجه، وعث الغبار، والعفن، والمواد الكيميائية أو الأبخرة التي قد يتعرض لها الأطفال في المدارس.
• من أجل ضمان السيطرة على الربو، من المهم الالتزام بتناول العلاج المزمن في مواعيده، وعدم التردد في استخدام الكورتيزون المستنشق بشكل مزمن لأنه آمن على طفلك حسب الجرعات الموصوفة كما ذكرنا سابقًا. كما أنه من المهم الاستجابة بسرعة لأي أعراض تظهر لتفادي تفاقم هذه الأعراض وعدم تطورها الى نوبات حادّة.
• تشجيع طفلك على شرب سوائل بكميات جيدة.
• ضرورة مضمضة الفم بالماء وبصقه بعد أخذ الجرعة من بخاخ الكورتيزون لتجنب نمو فطريات على اللسان، وأيضًا نُنوه على ضرورة تنظيف فم البخاخ قبل وبعد الجرعة والالتزام بالاستخدام الفردي وعدم مشاركته مع أطفال آخرين.


كيف يمكن أن تتحسن حياة طفلك مع الالتزام بعلاج الربو؟
- إن التزام الأم بتعليمات الطبيب والنصائح سيمنح الطفل راحة كبيرة، سيتمكن من النوم ليلًا بهدوء من دون صعوبة في التنفس أو سعال متكرر قد يقطع نومه ويُعيق حياته.
- ومع السيطرة على الأعراض ستقل زيارات المستشفى وسيكون الطفل أكثر نشاطًا وحيوية، ستلاحظين أنه قادر على اللعب مع أصدقائه، والذهاب إلى المدرسة، والتفاعل مع دروسه من غير انقطاع، وإنجاز المهام اليوميّة المطلوبة منه، وتحسّن تطوُّره المعرفي والإدراكي.

YU

إعــداد الكفــاءات العلميــة فــي مختلــف حقــول العلــم والمعرفــة، وإنتــاج بحـث علمـي إبداعـي يخـدم المجتمـع من خلال تقديم تعليم متميّز في بيئة جامعية مُحفزة.

اتصل بنا

  •  اربد- الاردن, ص.ب 566 الرمز البريدي 21163
  •  yarmouk@yu.edu.jo
  •  7211111 2 962 +
جميع الحقوق محفوظة © 2025 جامعة اليرموك.
+96227211111Irbid - Jordan, P.O Box 566 ZipCode 21163